انشودة الحق المهجر
سرقوا فلسطين .. وباعوا ضمائرهم .. هكذا قالت جدتي ..
ملامح الالم .. انات الوجع .. انفاس متلهفة .. مزامير الوداع وفجر الارتقاب
هذه هي حكايتنا ..
جدتي ما تزال تذكر قريتها .. والمفتاح ما زال يقبع تحت طيات النفس المشتاقة والامل لا يفارق همساتها, وان كان الضعف قد لازم جسدها الهزيل ..
فاجابتني يوما بقولها .. يا ابنتي , لقد نسيت صنبور الماء مفتوحا !
ما كنت لافعل يا جدتي ؟! فالرصاص كان يحاصرنا .. والموت يلاحق خطواتنا المتسارعة .. وتزيغ النظرات وتختنق الصرخات .. ويضيع من حولك ملامح كل شيء الا الموت .. اترى الماء اغرق بيتنا يا ابنتي !
ذكريات وردية ...وأحلام أحبتي تختطف أفكاري وتحلق بي بعيدا حيث بلادي المسلوبة ..وروحي ينازعها شعور بالغربه وشعور اخر بالحنين ...
جارتنا أم محمود ....تبتسم بحرقة ..فقد عاتبتها عبرات ابنها الشهيد بالحلم ليلة أمس ....فهي لم تزر قبره منذ أمد بعيد ....
وتختلط الدمعات ببسمه سرقتها عنوة من بين أوجاع الغربة ...حرموني منك يا ولدي ..وليتني أعود ..فقط لانظر الي صورتك علي جدران بيتنا القديم وأقبل جبينك يا ولدي .......
تثرثر ذاتي لذاتي ,,,والالم يعتصر الوجدان ....والشوق يختطفني من الوجود ,,"اله حقا موعدا في القاء والعودة "...والكل يجيب بلا كلمات ,,,,نظرات العيون وذاك اليقين أبلغ جواب ....
جميلة ,,,كان اسمها جميلة ....تلك الفتاة الحسناء ...التي اختطفت انفاسها نبضات قلبها ,تنهيدات ذاك الشاب وهو يتغني بجمال بلاده ...والصفارة بين يديه .ولا زال محفور بذاكرتها زغاريد أمواج البحر وهو يشهد علي فرحتهما وزفافهما ...
وحينها وبلا مقدمات ....ايقظني من شرودي ذاك الخبر .."خبر عاجل ,وبشري"..اليكم أيها المعذبين في كل بقاع الارض ...فلتمسحوا الدموع ولتشعلوا الشموع ولتقيموا الأفراح .....فحق العودة وأخيرا ..استبدلوه بالتعويضاااات .....ياللمفارقة ..,
ناشدتني أدمعي بالروية , فقد أكون أخطأت الفهم ...ولكن صرخة جدي الدفينة ...وملامح وجهه الشاردة ..عاتبت ترددي ..وطرقت الاسئلة باب أفكاري عنوة وبرفق ......
أتبيع جميلة ذكريات الحب ؟....
أتتخلي أم محمود عن قبر ولدها الشهيد ,,ألن تقرأ الفاتحة علي قبره يوما ....؟
وجدتي ,ألن تعود لتغلق صنبور الماء المفتوح ؟..
أسئلة تتبعها أسئلة ,,,والحرقة تقتلني والجرح يستحوذ علي تفاصيل روحي المتعبة , وهوامش حياتي المملة ...وانفاس تختنق من قسوة الأقدار
وقذارة العبة التي تحاك ضد أحلامنا وأمنياتنا وعودتنا ....
صدقتي جدتي ...سرقوا فلسطين ,,,وباعوا ضمائرهم للمرة الالف ....والسؤال ما يزال يجوب الفراغ والصمت _وان كنت أشك بأنه لربما صادروا حتي حق التساؤل _
الي متي ستظل الفرحة فينا تائهة؟
الي متي سيظل الوطن فينا مهاجرا بين الغيوم ؟
الي متي ستظل الغربة تطارد أطياف الأحباء ؟
ايكفيهم ستون عاما أخري يا وطني ؟......
ودمعات جدتي , , وأناتها ,,وصرخاتها المكبوتة ,,وشوقها الدفين ,,ما زال يشهد بالفاجعة ...
وما زالت أسئلتي تجوب الفراغ ولا مجيب ......